عدد المساهمات : 141 نقاط : 421 تاريخ التسجيل : 08/07/2012
موضوع: احمد الجلبي عراب التحالفات وخاسر نتائجها الإثنين 31 ديسمبر 2012, 6:24 am
يوصف بانه مثل قطعة فلين لن تغرق مهما وضعت عليها من اثقال واحمال. وكلما قيل إن نجمه قد أفِلَ واضمحل ضوءه خرج ثانية الى الاضواء او ان الاخيرة خرجت مسلطةً عليه. الدكتور احمد الجلبي المختص بالرياضيات وابن الارستقراطية الملكية يعرف الحسابات لكن مسطرة حساباته ضيقة على واقع معقد.
انه رجل المتناقضات جميعا: مُحرر بالنسبة لضحايا صدام وعميل بالنسبة لازلام الاخير، او للمتضررين من ازالته. ليبرالي بنكهة غير حزبية، طائفي لدى البعض من دون الدعوة الى دولة دينية، بيروقراطي لدى البعض الاخر اختار وزير مالية من غير طائفته حين كان في مجلس الحكم. اقتصادي محنك ولكنه متهم بفشل البنوك التي ادارها. مظهر مسالم يخفي بالنسبة لخصومه رجل مافيا مستتر. بارع في الحديث الى النخبة وعيي الكلام حين الحديث للعامة. حاول استعادة الكفاءات الملكية وانتهى ياكل "التمن" بقصعات عناصر جيش المهدي ابان ازمتهم مع الاميركان في النجف.
كان في البدء مقبولا لدى مدنيي البنتاغون، ثم "قفز من بارجتهم المحصنة الى قارب ايران"، بحسب الاتهامات التي لا تشتهي محطة استراحة معه: آخرها انه "الحاج متولي" للممثلة المصرية غادة عبد الرازق.
انه المتهم الاكبر في عراق ما بعد صدام: الاميركان يتهمونه بالتضليل والمصارفة بالاختلاس وانصاره بتغير بوصلته، ولكنه المدافع الاقل في الرد عليها. لماذا ترك المصرفي بحبوحة المال وجاء للسياسة؟ لا جواب. لماذا يحتمل قلة وفاء من اتاح لهم تسنم مناصب؟ لا جواب. لماذا يبقى في اللعبة وقد انتقل الى صفوف الاحتياط الراكنين؟ الجواب لديه. صاحب المقعد الواحد، ذلك المفرد يظن انه جمع.
صاحب الوجه الصبوح لديه مناطق مظلمة، له في كل شان قوائم اتهام من قبل خصومه: صلة الجلبي بإغتيال غسان طاهر ابن طاهر يحيى على خلفية إصدار قرارات التأميم 1964 والتي طالت معامل والده (عبدالهادي الجلبي).تصفية عقيلة الهاشمي عضو مجلس الحكم الأنتقالي،على أثر مشادة كلامية أتهمها الجلبي بأنها كانت عميلة لصدام حسين ومقربة من طارق عزيز، وردت عليه بإتهامه بالعمالة للمخابرات الأمريكية. استولى على عدد من القصور ودور الدولة والمباني الحكومية، وإستيلائه على مبنى المخابرات العراقية في الحارثية بكل ما فيه من وثائق وسجلات, حارب مهمة الاخضر الابراهيمي. ولم يكن على وفاق مع بول بريمر. وأخيرا وليس اخرا: عراب المحاصصة الطائفية.
يقال ان له علاقة بالمصرف التجاري العراقي وهو من عين قريبه حسين الأزري مديراً تنفيذياً للمصرف منذ العام 2003، وان المصرف يدير المشتريات الدولية التي تنفذها الحكومة العراقية، اذ بلغت قيمة تلك المشتريات 10 بلايين دولار بحلول العام 2008. كما يقال انه افتتح بنك البلاد الإسلامي في العام 2006، والذي يديره عصام الأزري، والد المدير التنفيذي للمصرف التجاري العراقي. وقد اعلنت لجنة النزاهة البرلمانية إن قضية المصرف التجاري "تم حسمها بحكم غيابي يقضي بسجن مديره حسين الأزري الموجود خارج العراق، ومستشارته الأردنية هانيال ميشيل 15 سنة لكل منهما".
يحسن الجلبي الحديث الى الاميركان بلهجتهم وعقليتهم، لكنه لا يحسن الحديث الى عراقي بعقال وشماغ. حين الانتخابات، ادرك ان هوى السواد الاعظم لا يعطي اشارة الموافقة عليه في ورقة الاقتراع، وان لا ارقام كبيرة ستخرج من الصندوق.
منطق الحسابات لم يجد مصاديقه على الواقع: فبعد التسليم الشكلي للسلطة في العراق في حزيران 2004, حصل اياد علاوي على منصب رئاسة الوزراء. وهنا شعر الجلبي ان الامريكان لا يحسنون ادمان العلاقات الدائمة. ثم جمع القوى غير الممثلة بحكومة علاوي, في المجلس السياسي الذي رشحه قبل انحلاله في شباط 2005 ليخلف علاوي في رئاسة الوزراء, لكن الاختيار وقع على د.ابراهيم الجعفري الذي عينه نائبا لرئيس الوزراء في حينه.
أحمد عبد الهادي الجلبي المولود في مدينة الكاظميه 1944 الأبن الأصغر بين تسعة أبناء والذي خرج من العراق مهاجرا في العام 1958، دخل الانتخابات الثانية في كانون الاول 2005, بعد تأسيسه لقائمة مستقلة باسم (المؤتمر الوطني العراقي ) لكنه فشل في الحصول على اي مقعد. وفي الانتخابات الاخيرة حصل على مقعد واحد.
يقول انصاره ان يمتاز بذكاء فطري مكنه من النجاح في ميادين عدة، الاكاديمية منها والسياسية. وكان وراء مؤتمر المعارضة العراقية في فيينا وصلاح الدين, ونجح في تاسيس "المؤتمر الوطني العراقي" عام 1992 واصبح رئيسا للجنة التنفيذية فيه، وحينها صعد نجمه من خزانة المصرف الى تصريف شؤون المعارضة السياسة وشجونها السرية .
يملك الجلبي كاريزما شخصية بسحنة غربية. هو صاحب المقعد الواحد في البرلمان الذي قلما يحضر جلساته، لكنه عادة ما يكون حاضرا في جلسات النخبة التي يرى انها ما كانت لتوجد لولا وجود جهوده السابقة. اضافةً الى ان براعته في تشكيل التحالفات جعلته يصبح عرابا. ويقول انصاره ان ذكاءه الفطري ومؤهلاته تجعله اكبر من المقعد الواحد. فهذا الوسيم ذو فرادة في سحب اذن من ينصت اليه، ولديه ما يجعله ذا سلطان ناعم على محاورية بحكم درايته ومعلوماته. بيد ان البعض يقول إن "قوته تتاتى من حجم ما يعرفه من معلومات عن الجميع، وعن كل شيء، لا ما يمكن أن ينتجه منها".
خسر الاميركان الذين داهموا بيته، وحاولوا اعتقال مساعده الأمني آراس حبيب محمد كريم، ابن السياسي الكردي. ومازال اراس مثل الصندوق الاسود لحزب الجلبي (المؤتمر الوطني) منذ تشكيله في العام 1992، وقيل انه سرب معلومات لايران.
عراب التحالفات يبدو مصابا بجرب سياسي: لا الشيعة يرشحونه رمزا،و لا الكرد يقبلونه، اما السنة فهم معه مثل "الحية والبطنج".
ابن المفارقات مازال ابنها: رمز سياسي بلا شعبية. رقم في المعادلة السياسية بلا رصيد قوة مسلحة. رجل مازال يبدي قوة رمزية من دون ظهير واقعي. صاحب اسرار لا يفصح عنها الا بالتقطير الممل. صاحب قناة اسمها اسيا، وصاحب جريده اسمها المؤتمر. انصاره كثرة صامتة وخصومه اصحاب كثرة ناطقة .
صاحب الاذرع الطويلة: (يد في السياسة و اخرى في المال)، يبدو مراهق سياسة معمر، امام ساسة اقل عمرا واقل خبرة لكنهم خبروا مخاطبة العراقي ابو عقال وشماغ، فيما ظل المصرفي يجيد معادلات يكون عرابها ولكن حصيلتها في خزيتنة اسمها معروف عالميا: صفر على اليسار. لكن انصاره يقولون دعوا الاصفار تتكرر فهو رقم على اليمين منها. قد يكون خاسرا في المعادلة ولكنه رصيد تشتق الحسابات منه مصروفاتها.