كتب: محرر الشؤون السياسية
أعلنت الحكومة العراقية، حاجتها إلى معلومات تفصيلة إضافية من دولة الكويت بشان ميناء مبارك، مؤكدة أن مجلس الوزراء ناقش موضوع إنشاء الميناء وتأثيره على خطوط الملاحة البحرية التي تصل للموانئ العراقية. وقال وزير الدولة الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، في بيان رسمي صدر عن مكتبه الشهر الماضي، ان "مجلس الوزراء ناقش موضوع إنشاء ميناء مبارك الكويتي وتأثيره على خطوط الملاحة البحرية التي تصل للموانئ العراقية"، مبينا أنه "تم الاستماع إلى شرح تفصيلي من قبل الوفد الفني الذي زارَ دولة الكويت مؤخراً والمكون من ممثلي وزارتي الخارجية والنقل بالتنسيق مع الأمم المتحدة". وأضاف الدباغ أن "المجلس أكد حاجته لمعلومات تفصيلية إضافية عن الحدود البحرية لميناء مُبارك"، مشيرا إلى أن "هذه المعلومات ستعطي فكرة واضحة عن التأثيرات المتوقعة والمحتملة على الملاحة البحرية من الجانب الكويتي".
وكانت بعثة الأمم المتحدة إلى العراق أكدت، أن التطبيع التام للعلاقات بين العراق والكويت شارف على الانتهاء، معتبرة أن الخلاف بين بغداد والكويت بشأن ميناء مبارك أمر يخص البلدين، فيما شددت على حق العراق في الملاحة داخل الخليج العربي من دون إعاقة وفق القرار الدولي الصادر عام 1993. وكان وزير النقل العراقي هادي العامري قال، في 27 من أيار (مايو) الماضي، ان قرار الكويت بناء ميناء مبارك الكبير قرب السواحل العراقية مخالف للقرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن رقم 833، وفيما أوضح أن الممر المائي العراقي سيكون ضمن الميناء الكويتي، أكد أن "بناء الميناء يصل إلى الحدود المائية التي رسمها القرار 833 وفي الأمر ظلم كبير على العراق". فيما أكدت السفارة الكويتية في بغداد في رسالة وجهتها إلى وزارة الدولة للشؤون الخارجية العراقية، في 28 أيار الماضي، أن "بناء ميناء مبارك سيتم ضمن المياه الضحلة وداخل المياه الإقليمية الكويتية، مشيرة إلى أنه سيتم حفر قناة تؤهل المرور السلس من دون إعاقة باتجاه أم قصر، فيما اعتبرت أن الإجراءات التي ستتخذها لبناء الميناء موافقة للقرار الأممي رقم 833.
"ميناء الفاو الكبير" بلا قيمة وشرعت الكويت ببناء ميناء مبارك الكبير، في السادس من نيسان (ابريل) الماضي، بعد سنة تماماً من إعلان وضع وزارة النقل العراقية حجر الأساس لمشروع إنشاء ميناء الفاو الكبير العراق، ولفت نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير التنمية الكويتي أحمد الفهد إلى أن المشروع الذي تعاقدت على إنشائه شركة هيونداي الكورية، ينطوي على أهداف كبيرة، ويحقق آمال وتطلعات الشعب الكويتي، ومن شأنه أن يحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري على المستويين الإقليمي والعالمي، فيما يرى مسؤولون وخبراء عراقيون أن الميناء الكويتي سوف يقلل من أهمية الموانئ العراقية، ويقيد الملاحة البحرية في قناة خور عبد الله المؤدية إلى ميناءي أم قصر وخور الزبير، ويجعل مشروع ميناء الفاو الكبير بلا قيمة.
يذكر أن وزارة النقل العراقية وضعت، في نيسان من العام الماضي 2010، حجر الأساس لمشروع ميناء الفاو الكبير الذي يحتوي حسب تصاميمه الأساسية على رصيف للحاويات بطول 39 ألف متر، ورصيف آخر بطول 2000 متر، فضلاً عن ساحة للحاويات تبلغ مساحتها أكثر من مليون م2، وساحة أخرى متعددة الأغراض بمساحة 600 ألف م2، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للميناء 99 مليون طن سنوياً، فيما تبلغ الكلفة الإجمالية لإنشائه أربعة مليارات و400 مليون يورو، ومن المؤمل أن يتصل الميناء بخط
باحثون: "ميناء مبارك مؤامرة على العراق ومخالفة دولية" وفيما تحولت قضية ميناء مبارك الكويتي الى ازمة داخلية عراقية عبر توزيع الاتهامات، اعتبر اكاديميون وناشطون أن "الكويت تسعى الى استفزاز العراق من خلال ميناء مبارك، و أن ذلك يعد مؤامرة على البلاد ومخالفة للقرارت الدولية"، مؤكدين أن "تعامل الحكومة العراقية مع هذا الملف لم يكن موفقا"ً. وكان "مركز إنماء للبحوث والدراسات" عقد ندوة بشان التأثيرات الاقتصادية والسياسية لمشروع ميناء مبارك على العراق حيث ناقشت التأثيرات الاقتصادية والسياسية والبيئية على العراق . وقال الباحث عدنان الاسدي ان "الندوة تهدف الى ايجاد حلول ومقترحات تسهم في حل الأزمة الحاصلة بين العراق والكويت"، مشيرا الى أن" تنظيم هذه الفعالية تسهم في ايجاد تفاهمات بشان القضايا المشتركة بين البلدين". من جانبه، اكد الباحث الاقتصادي جواد البكري أن "الكويت تعمل على استفزاز العراق بسبب تخوفها من بناء الفاو الكبير والذي يستقطب الشركات العالمية ويحول العراق الى نقطة نقل محورية"، مشيرا الى آن " ميناء الفاو في حال انشائه سيعزز قدرة العراق الاقتصادية بنسبة 45% عن القيمة الاقتصادية التي تجنيها الموانئ في الوقت الحاضر". وأشار البكري الى أن "قرار الكويت بناء ميناء مبارك قرب السواحل العراقية يعد مخالفة للقرار الدولي 833"، لافتا الى أن "وجود ميناء مبارك يقيد الملاحة في قناة خور عبد الله المؤدي الى ميناء ام قصر وخور الزبير ويجعل مشروع ميناء الفاو بلا قيمة". وأكد البكري أن "ميناء مبارك سيطل على المياه الإقليمية العراقية ولا يبعد عن ميناء ام قصر أكثر من الف متر مما يحرم المناطق الجنوبية من فرص العمل"، مبيناً أن "محاصرة الموانئ العراقية يخلق اختناقا وأزمة في تصدير النفط العراقي". من جانبه قال الناشط السياسي سعد حمزة ان "الكويت تبغي الوصول الى تحقيق منابع الاقتصاد الوطني في العراق وهي تعد مؤامرة لسد منافذه البحرية وقطع مياهه من الجنوب"، مشيرا الى أن "العراق له حقوق في تشييد ميناء مبارك الكبير". واضاف حمزة أن "السياسة التي يتبعها العراق الان في معالجة الأزمة مع الكويت تعد سياسة خاطئة، مبنية على أساس وهمي"، لافتاً الى أن "العراق لديه الكثير من المنافذ لتقديم شكواه من خلال جامعة الدول العربية والدول الإسلامية ومجلس التعاون الخليجي وغيرها من المنظمات التي تدعم حق العراق".
يذكر أن "مجلس الأمن الدولي" اصدر القرار رقم 833 في العام 1993 والذي ينص على ترسيم الحدود بين العراق والكويت التي يبلغ طولها 216 كم عبر تشكيل لجنة دولية لترسيم الحدود بين الطرفين، الأمر الذي رفضه نظام الرئيس السابق صدام حسين أولاً، إلا أنه وافق عليه في نهاية عام 1994عقب ضغوط دولية، ويؤكد المسؤولون العراقيون أن ترسيم الحدود بين البلدين تم بالقوة، وأدى إلى استقطاع أراض عراقية من ناحية صفوان ومنطقة أم قصر، فضلاً عن تقليص مساحة المياه الإقليمية العراقية، فيما حث السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون العراق في 16 تشرين الثاني من العام الماضي،على الوفاء بالتزاماته تجاه الكويت، وبخاصة فيما يتعلق بقرار مجلس الأمن رقم 833 بشأن ترسيم الحدود بينهما للخروج من طائلة أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. |